تجاوز المحتوى

فى عيونى


دائما تحملنى معها .. فى المناسبات وحتى فى الكلية. انا مهمة لها جدا ولكنها لا تعترف بذلك. تتحدث الى كثيرا، ما يدور بيننا سر، لا افصح به لأحد. لهذا تأتمنى انا فقط على اسرارها.
لا تسمح لغيرى برؤية عيوبها بهذا القرب، انا فقط من يراها وهى بلا رتوش بلا ماكياج. انا فقط من يرى شكلها الحقيقى. واظل اتأملها وهى ترحب بذلك. احيانا تشعر بالفخر واحيانا تسبنى.
افضل اوقاتها وهى ترى انعكاس وجهها على وجهى، قد نقضى وقتا طويلا على هذا الحال ولكن للأسف ما ان ترى احد اصدقائها يقترب حتى تخفينى وكأننى لم أكن منذ دقائق صديقتها الحميمة.
هى دائما فى عيونى مختلفة عن عيون الآخرين فانا من يرى عن قرب، احيانا تسمح لى بالاقتراب منها جدا وتصغر المسافة بيننا لبضعة سنتيمترات واحيانا تبعدنى عنها قليلا. عندما اقترب منها يلفحنى زفيرها هكذا انا قريبة منها.
تعتذر بابتسامة وتمرر اصبعها على وجهى لتمسح البخار.
أحيانا تجعلنى أتلصص لها على آخرين، حيث ترفعنى قليلا وتميل بى فى اتجاه من تريدنى ان اخبرها عنه. ودائما انجح فى اخبارها الكثير والكثير من الاسرار التى تحدث خلفها.
لا يعترض على علاقتنا احد سوى خطيبها الذى يغير منى ويرى انها تقضى معى وقتا اطول مما تقضى معه ولكنه مخطىء فهى دائما تتحدث معى عنه ولكنى لن ابوح ابدا بما قالت لى عنه.
أمس فى السوق لفت انتباهها اخرى لها اطار ملون، وكادت تشتريها ولكنها لم تفعل. فحقيبتها لن تسعنا نحن الاثنين اما انا او الجديدة. دائما تحمل حقائب صغيرة من حسن حظى.
منذ ان رأت الاخرى وهى تنظر لى بإشمئزاز ولا تتحدث معى طويلا كما كانت، هل يا ترى ترى دموعى؟
لماذا يا صديقتى تتركينى؟ ألم اكن معكِ دائما؟ ألم أكن صريحة معكِ دائما؟ هل خدعتك يوما؟ هل بحت بأسرارك ابدا؟ هل اخبرت احدا عن الحبوب التى بجانب حاجبك الايمن التى تحاولى دائما اخفائها؟ ألم اساعدك فى اخفائها؟ ألم اخبرك عما تفعله صديقاتك من خلفك؟ لماذا كرهتينى الآن عندما رأيتى الجديدة ذات الاطار الملون؟
أنا ايضا أكرهك الآن. وأكره وجهك وحبوبك. وأكره حقيبتك التى تدفنينى فيها وتغطينى بمناديلك المتسخة. اطارى كان جديدا لو تذكرى ولكنكِ كسرتيه عندما ادخلتينى عنوة فى حقيبتك وألقيتى فوقى بمحمولك. هذا الفاشل الذى يحتل كل الحقيبة.
أتظنى انى سعيدة بكِ؟ كلا. أريد ان اكون صديقة لوجه اخر. لا يستعطفنى حتى أكذب عليه وادعى جماله. نعم تلك هى الحقيقة فلستِ جميلة بالمرة. أنتِ قبيحة وأقبح ما فيكِ روحك التى تفيض على وجهك بتلك التكشيرة.
أنتِ ومساحيقك الرخيصة لوثتم وجهى اللامع. اصابعك تترك آثارها علىّ ولا تزول بسهولة. أتذكريننى عندما رأيتك اول مرة؟ كنت اجمل من الآن والمع. كنت اعكس ضوء الشمس على وجهك فيحرقك سخونته.
أظننتى انى سأظل بنفس البريق للأبد وهل مازالتِ أنتِ بنفس الوجه؟ كلا يا صديقتى لقد تغيرتِ انتِ ايضا. اختلف وجهك وامتلأ بما تكرهين: الهالات السوداء التى خلفتها عاداتك السيئة فى السهر، الحبوب التى أخبرتك مرارا عنها من قبل ولم تنصتى الى واكتفتى بتغطيتها بكريم اساس رخيص.
لو فقط نطقت بما أعرفه عنكِ ما حدثك أحد ابدا ولكنى للأسف لا استطيع. لذا فقد قررت ان اتركك. انا التى اقرر الرحيل. لن انتظر حتى تأتينى بأخرى تزاحمنى فى حقيبتك المكدسة اصلا. ساقفز واهرب من بصمات اصابعك .. من نفسك الذى يعمينى كلما اقتربت منكِ .. من وجهك الذى مللته.
– أووه … يالغبائى أسقطت المرآة من يدى.
انحنت تلملم الأجزاء المنثورة فجرحت اصبعها فقالت غاضبة: آهههه .. حسنأ لقد كانت مرآة سيئة جدا .. سأشترى أخرى احلى بإطار ملون


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

جميع الحقوق محفوظة كافة المواد المنشورة في هذا الموقع محفوظة ومحمية بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. لا يجوز نسخ هذه المواد أو إعادة إنتاجها أو نشرها أو تعديلها أو اقتباسها لخلق عمل جديد أو إرسالها أو ترجمتها أو إذاعتها أو إتاحتها للجمهور بأي شكل دون الحصول على إذن كتابي مسبق
CopyRight © Rania Joseph 2008 - 2024
Designed by WebUnicorn.com