تمر الأيام بطيئة بعد رحيلها
قراءة الجريدة كانت من الأعمال المستحيلة فى حضورها
الآن يستطيع انهاء قراءة الجريدة فى هدوء فى نصف ساعة فقط
لماذا كانت تضايقه كلما امسك بجريدته اذا كان سينهيها فى نصف ساعة فقط
لو كانت تعلم لربما تركته يقرأها فى هدوء فى الصالة
كان يداريها فى ملابسه ويتذرع بالإسهال ليقضى وقتا أطول بدون ازعاج
استيقظ واعد فطوره واستعد للنزول لعمله
وقف امام الدولاب لا يدرى ماذا يفعل
كانت تختار له ملابسه دائما وكانت تدرى تماما ماذا يلائمه
لم يكن يهتم كثيرا بما تقوله فى هذا الصدد
“كلها هدوم وخلاص” اما هى فكانت تشرح له دائما لماذا من الافضل ان يرتدى البنطلون الغامق على القميص الفاتح ، كان يتصنع الإنصات بينما يفكر فى اشياء كثيرة اخرى
اما الآن امام الدولاب بدات اذنه تخدعه مرة اخرى وتهيىء له انه يسمع صوتها “مش اى قميص على اى بنطلون! مش اى هدوم وخلاص!” كان يخاف ان يسىء الإختيار فتعنفه مثلما كانت تفعل
ولكنها غير موجودة لتعنفه او لتختار ملابسه لقد رحلت وتركته ليختار ملابسه بنفسه
للحظة شعر بالسعادة لانه سيقرر لنفسه ماذا يريد ولكنه امام الدولاب فقد كل احساس بالحرية واستبدله باحاسيس الإضطراب والضياع
شعوره بالأمان كان فى ان يختار لنفسه ما كانت تختاره هى بالظبط
“اه لو تعلم اننى اخرجت هذا القميص بيدى لأرتديه” ابتسامة على وجهه لا تمسح كل احاسيسه بالضياع
ذهب لعمله وبعد ان انتهى وقف فى الشارع اسفل مقر عمله يفكر
هل اعود للمنزل؟ هل ابحث عن مطعم لآكل؟ هل اذهب لزيارة اخى ؟ هل ادخل سينما؟
هل اقضى بعض الوقت فى التمشية على شاطىء البحر؟
بدأت البدائل تنهال على راسه المتعب اصلا
اصبح الاختيار صعب لان كل بديل امر من الآخر
هل يعود للمنزل ليجلس يحرس الحوائط؟ هل يبحث عن مطعم ليأكل .. ولكنه لم يستسيغ يوما طعم اكل المطاعم .. لقد كانت هى افضل مطعم زاره؟ هل يذهب لزيارة اخيه .. ولكنه قد يبكى عندما يرى زوجة اخيه التى هى اخت زوجته .. فالشبه بينهما يؤلمه الآن بعد ان كان يسخر منه سابقا “هو انا هنا شايفك وعند اخويا شايفك برضه، يعنى اروح منك فين؟” وكانت هى تضحك دائما
وكانها كانت تعرف انها ستحاصره دوما حتى بعد رحيلها
هل يدخل سينما .. ولكنه لم يعد يفهم ما يقولون .. اخر مرة ذهب للسينما كان معها وقضى باقى اليوم يعانى من صداع شديد؟
هل يذهب للتمشية على البحر …… ؟
ربما هذا هو افضل بديل الآن
توجه لشارع البحر ونزل النفق ليعبر للجهة الأخرى
كان النفق مظلم جدا … سواد وصوت خطوات الناس هذا كل ما ادركته حواسه فى النفق
مد يده ليلمس الحائط .. الحائط هو العوامة الوحيدة فى بحر الظلام
ظل يتقدم بخطوات بطيئة للامام بمحاذاة الحائط
كلما تقدم للأمام كلما زادت الظلمة وخفت الخطوات
هل يعود ام يرجع
سمعها تناديه “انت واقف ليه؟ انت خايف؟” لا انا مش خايف
انتِ فين؟ انتِ …. هل اصبحت مجنونا الآن؟
“ليه ماروحتش علطول؟ مش تبطل حركاتك دى؟ تقعد تلف وتسيبنى قلقانة؟
انتِ فين؟ انا مش شايفك .. انتِ فين؟
“حلو القميص ده .. فاكر ده اللى جبتهولك السنة اللى فاتت فى اول الصيف”
أنتِ فين؟ أنتِ هنا؟ أنتِ فى النفق؟
“مش عايز تشوف وش اختى؟ سمعها تضحك .. زمان وشى ده هو اللى خلاك تجرى ورايا”
أنتِ فين؟ انتِ فين؟ انتِ مش موجودة .. انتِ صوت فى عقلى وبس
“متأكد؟”
أنتِ مش موجودة .. انا مش مجنون .. انت خلاص مش موجودة (كان يصرخ ويلوح بيده) أنتِ مش موجودة
انا لوحدى .. انتِ سيبتينى خلاص
انا مش حاسمحلك تجنيننى
” بس انا لسه موجودة على الاقل جوة عقلك .. لحد دلوقتى لسه ماقلتهاش ولحد ما تقلها حافضل موجودة”
اقول ايه؟ اقول ايه؟ انا ايه اللى باعمله ده؟ انا باكلم نفسى
لا انا مش حتجنن
“بتهرب علشان ماتقلهاش”
لا … لا … ماحدش بيكلمنى … انا لوحدى فى النفق
“قولها”
اسكتى بقى .. اسكتى .. انا مش عايز اكلمك .. انتِ هلاوس فى عقلى انتِ مش موجودة
“قولها”
اخرسى … قلتلك اخرسى
“قولها .. الكلمة حتحررك”
انتِ ايه معندكيش قلب؟
“قولها … قولها”
بدأ صراخه يعلو ولفراغ النفق كان لصوته صدى قوى يرج اطرافه
“قولها”
انتِ خلاص … مش موجودة .. عايزة ايه تانى؟
“عايزاك تقولها”
مش قادر .. مش قادر انك … مـ
“قولها”
أنتِ مـيتة
وخرجت كل شياطين الحزن التى كان يسجنها فى وجدانه
وبكى وبكى وبكى
فى النفق المظلم تحت الشارع كان هناك رجلاً يبكى كما لم يبك من قبل
وفوق الشارع كانت السيارت تجرى غير عابئة بما يجرى تحتها
كانت المحلات تمتلىء بالناس السعيدة .. اب وطفلته .. عريس وعروسه .. اصدقاء يمرحون على الشاطىء
كانت الحياة فوق الشارع حية نابضة متحركة
اما فى التفق فالحياة كانت متوقفة ميتة ساكنة
كان هناك رجلا وحيدا حزنه يقتله يبكى وينعى حياته بعد فراق محبوبته
هل يعلم ذلك الشاب الذى يجلس على السور بجوار حبيبته ويمطرها بكلام الغزل ان تحت قدميه رجلا يبكى كان يجلس مكانه من ثلاثين سنة يغازل محبوبته قبل ان يتزوجا وتجمعهما عشرة سنوات طوال
سيبتينى ليه؟ انا مش قادر اقعد فى البيت؟ مش عارف اعمل حاجة من غيرك؟ انتِ وحشتينى قوى؟
“دلوقتى حتقدر ترجع البيت وتعيش فيه .. دلوقتى حتقدر تعيش حياتك من غيرى .. دلوقتى حتقدر تنسانى”
انا !! انا .. تعبان قوى !! نفسى ترجعى تانى !! انا ..
“انا خلاص حاسيبك .. انت دلوقتى خلاص اتحررت ”
لا ما تسيبنيش .. صوتك ده اللى فاضل لى
“عيش .. عيش”
وبدأ صوتها يخفت ورجعت اصوات الخطوات تعلو من جديد
مسح دموعه وولمح ضوءا فى آخر النفق فإتجه إليه
وصعد السلالم واستقبلته نسمة هواء قوية برائحة البحر صفعته “عيش” ابتسم ونظر حوله ليرى الحياة مرة أخرى
اخذ يمشى على البحر الى ان كلت قدماه وهو يراقب الناس من بعيد ويضحك معهم
اخذه الاحساس بنشوة الحياة واستولى على قلبه
عبر شارع البحر من فوق مارقا وسط السيارات .. فالنفق مظلم ومخيف
مر بالسوق واشترى ما يملأ 3 ثلاجات
عاد لمنزله ودخل مطبخه واعد لنفسه طعاما لأول مرة منذ شهرين
جلس على الكرسى المواجه لصورتها وقال “بقيت باطبخ اهه”
فتح التليفزيون وظل يعبث بالريموت
امسك التليفون واتصل باخيه: “انت فاضى بكرة؟ اصلى عايز آجى اسلم على العيال”
اغلق السماعة وهو يفكر فى هدايا لأطفال اخيه
احل به التعب فقام وقبل صورتها واغلق التليفزيون ودخل لحجرة نومه التى هجرها منذ ان رحلت ونام
قراءة الجريدة كانت من الأعمال المستحيلة فى حضورها
الآن يستطيع انهاء قراءة الجريدة فى هدوء فى نصف ساعة فقط
لماذا كانت تضايقه كلما امسك بجريدته اذا كان سينهيها فى نصف ساعة فقط
لو كانت تعلم لربما تركته يقرأها فى هدوء فى الصالة
كان يداريها فى ملابسه ويتذرع بالإسهال ليقضى وقتا أطول بدون ازعاج
استيقظ واعد فطوره واستعد للنزول لعمله
وقف امام الدولاب لا يدرى ماذا يفعل
كانت تختار له ملابسه دائما وكانت تدرى تماما ماذا يلائمه
لم يكن يهتم كثيرا بما تقوله فى هذا الصدد
“كلها هدوم وخلاص” اما هى فكانت تشرح له دائما لماذا من الافضل ان يرتدى البنطلون الغامق على القميص الفاتح ، كان يتصنع الإنصات بينما يفكر فى اشياء كثيرة اخرى
اما الآن امام الدولاب بدات اذنه تخدعه مرة اخرى وتهيىء له انه يسمع صوتها “مش اى قميص على اى بنطلون! مش اى هدوم وخلاص!” كان يخاف ان يسىء الإختيار فتعنفه مثلما كانت تفعل
ولكنها غير موجودة لتعنفه او لتختار ملابسه لقد رحلت وتركته ليختار ملابسه بنفسه
للحظة شعر بالسعادة لانه سيقرر لنفسه ماذا يريد ولكنه امام الدولاب فقد كل احساس بالحرية واستبدله باحاسيس الإضطراب والضياع
شعوره بالأمان كان فى ان يختار لنفسه ما كانت تختاره هى بالظبط
“اه لو تعلم اننى اخرجت هذا القميص بيدى لأرتديه” ابتسامة على وجهه لا تمسح كل احاسيسه بالضياع
ذهب لعمله وبعد ان انتهى وقف فى الشارع اسفل مقر عمله يفكر
هل اعود للمنزل؟ هل ابحث عن مطعم لآكل؟ هل اذهب لزيارة اخى ؟ هل ادخل سينما؟
هل اقضى بعض الوقت فى التمشية على شاطىء البحر؟
بدأت البدائل تنهال على راسه المتعب اصلا
اصبح الاختيار صعب لان كل بديل امر من الآخر
هل يعود للمنزل ليجلس يحرس الحوائط؟ هل يبحث عن مطعم ليأكل .. ولكنه لم يستسيغ يوما طعم اكل المطاعم .. لقد كانت هى افضل مطعم زاره؟ هل يذهب لزيارة اخيه .. ولكنه قد يبكى عندما يرى زوجة اخيه التى هى اخت زوجته .. فالشبه بينهما يؤلمه الآن بعد ان كان يسخر منه سابقا “هو انا هنا شايفك وعند اخويا شايفك برضه، يعنى اروح منك فين؟” وكانت هى تضحك دائما
وكانها كانت تعرف انها ستحاصره دوما حتى بعد رحيلها
هل يدخل سينما .. ولكنه لم يعد يفهم ما يقولون .. اخر مرة ذهب للسينما كان معها وقضى باقى اليوم يعانى من صداع شديد؟
هل يذهب للتمشية على البحر …… ؟
ربما هذا هو افضل بديل الآن
توجه لشارع البحر ونزل النفق ليعبر للجهة الأخرى
كان النفق مظلم جدا … سواد وصوت خطوات الناس هذا كل ما ادركته حواسه فى النفق
مد يده ليلمس الحائط .. الحائط هو العوامة الوحيدة فى بحر الظلام
ظل يتقدم بخطوات بطيئة للامام بمحاذاة الحائط
كلما تقدم للأمام كلما زادت الظلمة وخفت الخطوات
هل يعود ام يرجع
سمعها تناديه “انت واقف ليه؟ انت خايف؟” لا انا مش خايف
انتِ فين؟ انتِ …. هل اصبحت مجنونا الآن؟
“ليه ماروحتش علطول؟ مش تبطل حركاتك دى؟ تقعد تلف وتسيبنى قلقانة؟
انتِ فين؟ انا مش شايفك .. انتِ فين؟
“حلو القميص ده .. فاكر ده اللى جبتهولك السنة اللى فاتت فى اول الصيف”
أنتِ فين؟ أنتِ هنا؟ أنتِ فى النفق؟
“مش عايز تشوف وش اختى؟ سمعها تضحك .. زمان وشى ده هو اللى خلاك تجرى ورايا”
أنتِ فين؟ انتِ فين؟ انتِ مش موجودة .. انتِ صوت فى عقلى وبس
“متأكد؟”
أنتِ مش موجودة .. انا مش مجنون .. انت خلاص مش موجودة (كان يصرخ ويلوح بيده) أنتِ مش موجودة
انا لوحدى .. انتِ سيبتينى خلاص
انا مش حاسمحلك تجنيننى
” بس انا لسه موجودة على الاقل جوة عقلك .. لحد دلوقتى لسه ماقلتهاش ولحد ما تقلها حافضل موجودة”
اقول ايه؟ اقول ايه؟ انا ايه اللى باعمله ده؟ انا باكلم نفسى
لا انا مش حتجنن
“بتهرب علشان ماتقلهاش”
لا … لا … ماحدش بيكلمنى … انا لوحدى فى النفق
“قولها”
اسكتى بقى .. اسكتى .. انا مش عايز اكلمك .. انتِ هلاوس فى عقلى انتِ مش موجودة
“قولها”
اخرسى … قلتلك اخرسى
“قولها .. الكلمة حتحررك”
انتِ ايه معندكيش قلب؟
“قولها … قولها”
بدأ صراخه يعلو ولفراغ النفق كان لصوته صدى قوى يرج اطرافه
“قولها”
انتِ خلاص … مش موجودة .. عايزة ايه تانى؟
“عايزاك تقولها”
مش قادر .. مش قادر انك … مـ
“قولها”
أنتِ مـيتة
وخرجت كل شياطين الحزن التى كان يسجنها فى وجدانه
وبكى وبكى وبكى
فى النفق المظلم تحت الشارع كان هناك رجلاً يبكى كما لم يبك من قبل
وفوق الشارع كانت السيارت تجرى غير عابئة بما يجرى تحتها
كانت المحلات تمتلىء بالناس السعيدة .. اب وطفلته .. عريس وعروسه .. اصدقاء يمرحون على الشاطىء
كانت الحياة فوق الشارع حية نابضة متحركة
اما فى التفق فالحياة كانت متوقفة ميتة ساكنة
كان هناك رجلا وحيدا حزنه يقتله يبكى وينعى حياته بعد فراق محبوبته
هل يعلم ذلك الشاب الذى يجلس على السور بجوار حبيبته ويمطرها بكلام الغزل ان تحت قدميه رجلا يبكى كان يجلس مكانه من ثلاثين سنة يغازل محبوبته قبل ان يتزوجا وتجمعهما عشرة سنوات طوال
سيبتينى ليه؟ انا مش قادر اقعد فى البيت؟ مش عارف اعمل حاجة من غيرك؟ انتِ وحشتينى قوى؟
“دلوقتى حتقدر ترجع البيت وتعيش فيه .. دلوقتى حتقدر تعيش حياتك من غيرى .. دلوقتى حتقدر تنسانى”
انا !! انا .. تعبان قوى !! نفسى ترجعى تانى !! انا ..
“انا خلاص حاسيبك .. انت دلوقتى خلاص اتحررت ”
لا ما تسيبنيش .. صوتك ده اللى فاضل لى
“عيش .. عيش”
وبدأ صوتها يخفت ورجعت اصوات الخطوات تعلو من جديد
مسح دموعه وولمح ضوءا فى آخر النفق فإتجه إليه
وصعد السلالم واستقبلته نسمة هواء قوية برائحة البحر صفعته “عيش” ابتسم ونظر حوله ليرى الحياة مرة أخرى
اخذ يمشى على البحر الى ان كلت قدماه وهو يراقب الناس من بعيد ويضحك معهم
اخذه الاحساس بنشوة الحياة واستولى على قلبه
عبر شارع البحر من فوق مارقا وسط السيارات .. فالنفق مظلم ومخيف
مر بالسوق واشترى ما يملأ 3 ثلاجات
عاد لمنزله ودخل مطبخه واعد لنفسه طعاما لأول مرة منذ شهرين
جلس على الكرسى المواجه لصورتها وقال “بقيت باطبخ اهه”
فتح التليفزيون وظل يعبث بالريموت
امسك التليفون واتصل باخيه: “انت فاضى بكرة؟ اصلى عايز آجى اسلم على العيال”
اغلق السماعة وهو يفكر فى هدايا لأطفال اخيه
احل به التعب فقام وقبل صورتها واغلق التليفزيون ودخل لحجرة نومه التى هجرها منذ ان رحلت ونام